بعدما تعهدت بإحداث تغيير نحو التشدد في إيطاليا، تبنت رئيسة الحكومة جورجيا ميلوني التي مر عام على توليها منصبها، سياسة خارجية أكثر اعتدالا مما كان متوقعا وبرنامجا يمينيا لا يشي بتعديلات جذرية داخليا.
خلال عام واحد، تحولت ميلوني من زعيمة مرهوبة الجانب لحزب يميني متطرف إلى شخصية سياسية أكثر توافقية و"صديقة" للرئيس الأمريكي جو بايدن، وفقا لـ"الفرنسية". رغم تشكيكها السابق في فعالية المؤسسات الأوروبية، سعت الزعيمة الإيطالية البالغة من العمر 46 عاما إلى التعامل بشكل بناء مع الاتحاد الأوروبي وشركائه، باستثناء بعض المشاحنات مع باريس وبرلين بشأن ملف الهجرة. واحتضنت ناخبيها من خلال تخفيضات ضريبية وسياسة صارمة مناهضة للمهاجرين، إضافة إلى الدفاع عن الأسرة التقليدية، ونجحت في إبقاء حزبها "فراتيلي ديتاليا" على رأس استطلاعات الرأي حول نيات التصويت. ولا يبلي الاقتصاد بلاء حسنا كما أملت ميلوني، ما اضطر روما إلى مراجعة توقعاتها للنمو نزولا، ومن المتوقع أيضا أن يكون العجز العام أعلى من المتوقع. ويقول لويجي سكاتزيري الباحث في مركز الإصلاحات الأوروبية "تمكنت من الظهور بمظهر المعتدلة كشريكة، على الرغم من اعتبارها متطرفة"، متسائلا حول المدة التي سيصمد خلالها هذا التوازن الدقيق. ويعد لويجي سكاتزيري أنه في حال فشلت جورجيا ميلوني في إظهار أن نهجها المتوازن سيخدم مصالح إيطاليا، ستضطر إلى تغيير خطها السياسي وجعله أكثر تشددا. ودعمت ميلوني أوكرانيا بقوة في مواجهة موسكو، ومن المتوقع أن تسحب بلدها من مشروع طرق الحرير الصينية الجديدة بعد أربعة أعوام من انضمامه إليها لتكون الدولة الوحيدة من دول مجموعة السبع المشاركة فيه. وبعدما أعربت ميلوني عن دعمها لأوكرانيا، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في يوليو في المكتب البيضاوي "أصبحنا أصدقاء". وظل حزب "فراتيلي ديتاليا"، الذي تأسس في 2012، حزبا هامشيا طيلة عشرة أعوام قبل أن يفوز بانتخابات سبتمبر 2022 بنسبة 26 في المائة من الأصوات. وشكلت ميلوني مع حزب الرابطة المناهض للمهاجرين برئاسة ماتيو سالفيني وحزب "فورتسا إيطاليا" الذي أسسه سيلفيو برلسكوني الذي توفي في يونيو، الحكومة الأكثر يمينية في إيطاليا منذ الحرب العالمية الثانية. ويحظى حزبها حاليا بأكثر من 28 في المائة من التأييد في استطلاعات الرأي، وفقا لمعهد "يوترند". وخفضت الحكومة العبء الضريبي، خصوصا على الأسر، وهو أولوية تقليدية للناخبين المحافظين، حسبما يقول لورينزو دي سيو الأستاذ في العلوم السياسية في جامعة لويس في روما. السياسة الاقتصادية الحالية، وهي أكثر تسامحا مع التهرب الضريبي، تتبع بشكل عام خط الحكومات اليمينية السابقة، ما يعني شبه استنساخ لعهد برلسكوني، بحسب دي سيو. ويضيف أن الحكومة الحالية "بالتأكيد أقل راديكالية مما كنا نتوقع". لكن مع ذلك، لم تتوقف ميلوني عن توجيه رسائل تجيش مشاعر ناخبيها الذين يدعمون مواقفها بشأن المهاجرين والحفاظ على القانون والدفاع عن القيم المسيحية. وتستمر ميلوني في الدفاع عن النموذج التقليدي للأسرة المكون من أب وأم، فقد أعلنت الجمعة انفصالها عن شريك حياتها والد طفلتها البالغة من العمر سبعة أعوام. كان ملف الهجرة في صلب الحملة الانتخابية حين وعدت ميلوني وسالفيني بمنع وصول سفن المهاجرين من سواحل شمال إفريقيا إلى إيطاليا. ولكن على الرغم من إصدار سلسلة من المراسيم والقوانين، تضاعف عدد المهاجرين الوافدين في 2023 مقارنة بـ2022. ودعت ميلوني الاتحاد الأوروبي إلى المساعدة، ولا سيما من خلال دعم اتفاق أوروبي مع تونس لمنع مغادرة مهاجرين من هذا البلد ورحبت باتفاق تم التوصل إليه في بروكسل بشأن تبادل طلبات اللجوء بين دول الاتحاد الأوروبي. مع ذلك، تتأخر الجهود في أن تصبح واقعا، فوفق استطلاع أجرته "يوترند" لقناة التغطية الإخبارية المستمرة "سكاي تي جي 24"، تأتي الهجرة على رأس قائمة أسباب عدم رضا الناخبين من عمل الحكومة. وأقرت ميلوني بنفسها بأنها تأمل في "القيام بعمل أفضل" بشأن هذا الملف، وأعربت عن استيائها حين هاجمت قاضية في صقلية رفضت تطبيق أحد مراسيمها على اعتبار أنه مخالف للقانون الإنساني والدولي.
コメント