بشكل شبه يومي، يُعلن الجيش الإسرائيلي عن "طريق آمن" لعبور سكان قطاع غزة من شماله إلى جنوبه، "حماية لهم وتقليلا للخسائر فيما بيهم" من القصف الجوي المدمر الذي أودى بحياة 10 آلاف فلسطيني حتى الآن.
وذكر ناطق باسم الجيش الإسرائيلي، الاثنين، أنه "سيسمح بالمرور على طريق صلاح الدين اليوم بين الساعة العاشرة صباحا، والثانية بعد الظهر (بالتوقيت المحلي)".
وأضاف: "من أجل سلامتكم، انتهزوا الوقت القادم للتحرك جنوبا إلى ما بعد وادي غزة. إذا كنتم تهتمون بأنفسكم وبأحبائكم، فاتجِهوا جنوبا وفقا لتعليماتنا".
وتظهر خريطة الجيش "الطريق الآمن لتنقل المدنيين جنوبا"، وصولا إلى منطقة المواصي الواقعة جنوب القطاع، التي حددها كمنطقة لـ"توجيه المساعدات الإنسانية الدولية في حالة الضرورة".
خشية بعد القصف المتكرر
لكن الكثير من الفلسطينيين داخل القطاع يخشون سلوك هذا الطريق، بعد استهدافه عدة مرات من بينها قافلة ضمت العشرات أثناء توجههم إلى جنوبي القطاع استجابة لأوامر الجيش الإسرائيلي منتصف الشهر الماضي، مما أدى إلى مقتل العشرات.
ومثلا، وثّق شريط فيديو استهداف دبابة لسيارة مدينة في شارع صلاح الدين، رغم أن جيش إسرائيل قال إنه "آمن".
ويعتبر شارع صلاح الدين أحد طريقين يربطان جميع مدن قطاع غزة، فهو يمتد من معبر رفح على الحدود مع مصر وصولا إلى معبر بيت حانون (إيرز) أقصى الشمال الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل.
عشرات المناشدات
يأتي تكرار النداء الإسرائيلي في الوقت الذي قال المكتب الحكومي في غزة، إنه يتلقى عشرات المناشدات حول وجود "مئات الجثامين بالشوارع" بمناطق مختلفة من مدينة غزة ممن حاولوا التوجه للممر الآمن "المزعوم" احتماء من غارات الليلة الماضية، وفق بيان حصل عليه "سكاي نيوز عربية".
قال رئيس المكتب الإعلامي لحماس، سلامة معروف، إن طواقم الدفاع المدني والإسعاف والطوارئ لم تتمكن من إخراج الجرحى، ولا تستطيع الوصول إلى عشرات الشهداء الموجودين في الطرقات التي يزعم الاحتلال أنها آمنة.
في 13 أكتوبر الماضي، استهدف القصف الإسرائيلي 3 قوافل لمواطنين فلسطينيين في مواقع مختلفة على شارعي صلاح الدين والرشيد، ممن حاولوا الوصول إلى جنوب وادي غزة، مما أدى لمقتل 70 مواطنا جلهم من الأطفال والنساء، وإصابة أكثر من 200 آخرين.
قالت حينها مصادر طبية ومحلية في غزة، إن الجيش الإسرائيلي ألقى نحو 4 قنابل على النازحين الذين سلكوا "الطريق الآمن".
في نهاية أكتوبر، نشرت وسائل إعلام منها تلفزيون فلسطين الرسمي، مقطع فيديو يوثق عملية استهداف سيارة مدنية بقذيفة دبابة إسرائيلية وسط شارع صلاح الدين.
مع بداية الاجتياح البري، توغلت الدبابات الإسرائيلية لتقطع شارع صلاح الدين "الممر الآن"، وهم يطلقون النار باتجاه أي سيارة تمر هناك، حسبما أفادت وكالة "فرانس برس" عن شهود.
لكن سرعان ما انسحبت آليات عسكرية إسرائيلية "بعد وقت قصير من توغلها بشكل محدود" في الشارع.
لكن خلال الأسبوع الأخير، لم يَجر توثيق استهداف القوات الإسرائيلية للنازحين عبر طريق صلاح الدين، في حين لا تزال التخوفات مستمرة من إعادة استهدافه "في أي وقت".
تتزامن تلك المخاوف مع استمرار القصف العنيف على قطاع غزة، وإعلان الجيش الإسرائيلي تقسيم قطاع غزة إلى شطرين و"الاستعداد لأي سيناريو وعلى كل الجبهات".
سبق أن كشف المبعوث الأميركي الخاص للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط، ديفيد ساترفيلد، أن هناك 800 ألف شخص انتقلوا إلى جنوبي القطاع، في حين يتراوح عدد الموجودين في شماله بين 350 و400 ألف شخص.
خوف من المستقبل
من غزة، تحدث الشاب الثلاثيني نضال كامل لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الجميع بات متخوفا من العبور عبر طريق صلاح الدين من الشمال إلى جنوب القطاع، على الرغم من كونه طريقا رئيسيا يربط كافة المناطق في القطاع، خاصة أنه سبق للجيش الإسرائيلي استهداف مجموعة من المواطنين الذين ذهبوا إلى مناطق جنوبية مع شدة القصف وخوفا على حياتهم.
لكن كامل أوضح أن الكثير من المواطنين عادوا مرة أخرى من جنوب القطاع إلى منازلهم في الشمال "لأن الجميع مستهدف سواءً في الشمال أو الجنوب".
بدورها، قالت الناطقة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، نيبال فرسخ، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه بالفعل جرى قصف شارع صلاح الدين عدة مرات، مما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا بين شهداء ومصابين، لكن "اليوم لم تتوفر معلومات بعد عن أي استهدافات وقعت".
وأضافت: "كما تعلم من ساعات فقط عاد الاتصال، ولا نزال نواجه صعوبة في الوصول لكل الطواقم حيث عاد الاتصال بشكل جزئي".
コメント