"المركز الثقافي الروسي" في دمشق ينظم ندوة حول كتاب "دمشق - 1902" لستيبان كوندوروشكين.
نظم "المركز الثقافي الروسي" في دمشق أمس الأربعاء، ندوة تتناول العلاقات السورية الروسية التاريخية على عدة أصعدة، وخاصة العلاقات الإنسانية والثقافية. وكانت نقطة الانطلاق في الندوة الاحتفال بكتاب "دمشق - 1902" للكاتب ستيبان كوندوروشكين، حيث تم تقديم عرض عن الكتاب ومناقشة فحواه مع الحضور من قبل مدير المركز الثقافي الروسي نيكولاي سوخوف، ومستشار المركز علي الأحمد، وكذلك الباحث ومترجم الكتاب اللبناني عماد الدين رائف الذي شارك عبر الفيديو من بيروت.
و"دمشق 1902" كتاب صدر حديثاً عن "دار المصور العربي" في بيروت، يضم في فصله الأول ترجمة بحث اجتماعي عن دمشق مطلع القرن الماضي بقلم الكاتب الروسي ستيبان كوندوروشكين، الذي عمل مفتشاً تربوياً في مدارس "الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية" في دائرة سوريا الجنوبية بين 1898 و1903. أما الفصل الثاني فمخصص للتعريف بحياة كوندوروشكين وأعماله، مع الإضاءة على المرحلة التي قضاها في لبنان وسوريا وفلسطين من حياته، وهو بقلم عماد الدين رائف.
ويتضمن الكتاب نص كوندوروشكين الثالث المترجم إلى العربية بعد قصصه اللبنانية "حكايات كوندوروشكين" (2016) ومجموعة "قصص سورية - بلاد الشام قبل قرن بريشة روسية" (2019)، الذي ضمّ جميع قصصه الاجتماعية عن المشرق، التي نشرت بين عامي 1901 و1905 في سان بطرسبورغ.
وبحث "دمشق" هو أحد البحوث التي نشرها كوندوروشكين في دورية "إستوريتشسكي فيتستنيك" (العدد 92، سنة 1903)، ويتميز بكونه وثيقة تاريخية ثانوية إذا ما ضمّ إلى الوثائق التاريخية الأخرى الصادرة عن شهود العيان على المدينة التاريخية، حيث أحاط بالجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية والثقافية والتربوية والصحية في عاصمة ولاية سوريا العثمانية، وبوصفه الحي للمدينة وأهلها والوافدين إليها، وثقافتهم وصنائعهم وعاداتهم في الملبس والمأكل والمشرب، بالإضافة إلى وصفه أسواقها القديمة والحديثة وبضائعها، ومتنزهاتها وأماكن العمل والترفيه فيها.
والمميز في بحث كوندوروشكين هو الأسلوب السينمائي الحي حيث يمكن القارئ لمس حركة المدينة في تلك الحقبة. كما أضاف الكاتب إلى بحثه نحو 20 صورة التقطها بنفسه.
والملفت أيضاً ببحوث كوندروشكين الاجتماعية التي كتبها عن المنطقة، تحيزه وتبنيه وجهة النظر الروسية في مواجهة السلطنة العثمانية والدول الأوروبية الطامعة الأخرى، وذوده عن المصالح القيصرية وهمّه الواضح في الإعلاء من شأنها، فوقع في زلات استشراقية استعلائية خطيرة، ما أظهره وكأنه ينظر إلى البلاد وناسها من منظار الاستشراق الغربي وإسقاطاته. لكن قصصه الاجتماعية، في المقابل، والتي شكلت مجموعة "من الترحال في سوريا"، أتت شبه خالية من تلك الرواسب الاستشراقية الاستعمارية، كأنه عاد إلى بيئته الفلاحية وطبيعته، أو كما لو أنه يخاطب قارئاً آخر عبر النصوص الأدبية. يشار إلى أن علاقة كوندوروشكين بدمشق لها بعد شخصي مهم، ففيها تعرف إلى زملائه الأساتذة العرب في "الجمعية الفلسطينية"، كما أحبّ في دمشق مديرة إحدى مدارس الجمعية يليزافيتا ريبنر، فتزوجا سنة 1902، وولدت له في المدينة أولى ابنتيه أنّا سنة 1903 قبل مغادرتهما سوريا إلى سان بطرسبورغ. واستقطبت الندوة باحثين ومؤرخين ودبلوماسيين ونشطاء سوريين وروس، بالإضافة إلى موظفين في منظمات دولية. وخلال الندوة تمت مناقشة الصفحات الهامة في تاريخ العلاقات الروسية السورية والقضايا السياسية والاجتماعية الراهنة.
Comments