يشهد سوق النفط العالمي حالة من عدم اليقين حيال الآفاق المستقبلية للتوازن بين الطلب والمعروض العالمي من الخام.
وتتزامن المخاوف بشأن ضعف الاقتصاد العالمي وسط استمرار رفع معدلات الفائدة مع إشارات حول نقص المعروض من النفط.
تقلبات سعرية
- تعرضت أسعار النفط لحالة من التقلبات القوية خلال الفترة الأخيرة، حيث شهدت ثاني خسارة أسبوعية على التوالي بعد 7 أسابيع متتالية من المكاسب.
- سجلت أسعار النفط مكاسب قوية في النصف الأول من شهر أغسطس، لكنها تحولت للهبوط لاحقًا، قبل أن تبدأ رحلة التعافي مجددًا.
- لامس خام برنت مستوى 88 دولارًا للبرميل في الشهر الجاري لأول مرة منذ بداية 2023، قبل أن يفقد هذه المستويات ليتداول قرب 83 دولارًا.
- عاد عقد تسليم الشهر التالي من الخام القياسي للارتفاع مجددًا ليسجل 84.91 دولار عند تسوية تعاملات التاسع والعشرين من أغسطس، لكنه لا يزال يتجه لتحقيق خسارة شهرية بشكل طفيف.
- فيما يتعلق بخام نايمكس الأمريكي، فقد تعرض لنفس حالة التقلبات القوية التي شهدها برنت في شهر أغسطس.
- بدأ الخام الأمريكي تداولات شهر أغسطس عند 81.80 دولار، قبل أن يسجل مكاسب قوية دفعته لتجاوز 84 دولارًا في التاسع من الشهر الجاري.
- لكن نايمكس تحول للهبوط لاحقًا ليتداول أدنى 79 دولارًا، قبل أن يعاود الصعود مجددًا أعلى مستويات 81 دولارًا.
مخاوف الطلب والفائدة
- دفعت المخاوف حيال آفاق الطلب العالمي على النفط أسعار الخام للهبوط من الذروة المسجلة في بداية الشهر الجاري.
- تشير أحدث البيانات الاقتصادية في الصين إلى ضعف واضح في الزخم في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
- تتعرض الصين لأزمة ارتفاع ديون قطاع العقارات واستمرار انكماش النشاط الصناعي، بالإضافة إلى هبوط الإنفاق الاستهلاكي والذي دفع أسعار المستهلكين للانكماش في يوليو الماضي.
- على جانب آخر، تثير البنوك المركزية العالمية حالة من القلق في الأسواق المالية، مع احتمالات استمرار التشديد النقدي الرامي لمكافحة التضخم.
- قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" في ندوة جاكسون هول إن البنك مستعد لمواصلة رفع الفائدة، مشيرًا إلى أن التضخم لا يزال عند مستويات مرتفعة رغم التباطؤ المسجل في الأشهر الأخيرة.
- تسببت تصريحات "باول" في ارتفاع الدولار، ما يجعل أسعار السلع المقومة بالعملة الأمريكية أكثر تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى.
- كما عدلت الأسواق توقعاتها بشأن معدلات الفائدة الأمريكية، حيث تشير أداة "فيد واتش" إلى احتمالية تقارب 50% لرفع الفائدة في اجتماع الأول من نوفمبر المقبل، بعد التثبيت المتوقع في سبتمبر.
- كما تشير توقعات الأسواق إلى استمرار البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا في رفع الفائدة، ما يضع ضغوطاً هبوطية على النشاط الاقتصادي وبالتبعية الطلب على النفط.
- على جانب المعروض، تثير التقارير بشأن تخفيف العقوبات الأمريكية عن بعض الدول القلق بشأن زيادة العرض في سوق النفط خلال الفترة المقبلة.
- كشفت بيانات "تانكر تراكرز دوت كوم" أن صادرات إيران من النفط ارتفعت في الشهر الجاري لتتجاوز مليوني برميل يومياً.
- كما تواصل فنزويلا زيادة صادرتها من النفط الخام مع تخفيف العقوبات الأمريكية، حيث بلغ متوسط صادرات الدولة اللاتينية 670 ألف برميل يومياً في النصف الأول من العام الحالي، بزيادة 15% على أساس سنوي.
- على الجانب الروسي، تشير بيانات إلى أن صادرات النفط الروسية عبر البحر ارتفعت لأعلى مستوى في 8 أسابيع.
عوامل تدعم التعافي
- رغم القلق المرتبط بالطلب على النفط واحتمالية تسارع المعروض من جانب بعض الدول، فإن هناك العديد من العوامل الإيجابية التي دعمت تعافي أسعار الخام مؤخرًا.
- على الجانب قصير الأجل، تثير العاصفة الاستوائية "إداليا" التي تتوجه إلى فلوريدا مخاوف تراجع إنتاج النفط في ساحل الخليج الأمريكي.
- كما يهتم سوق النفط بالإجراءات التي أعلنتها الصين مؤخرًا والرامية لدعم معنويات المستثمرين، وما إذا كانت قادرة على تخفيف المخاوف بشأن الاقتصاد.
- قال "أولن هانسن" رئس استراتيجية السلع الأولية في "ساكسو بنك" إن تركيز سوق النفط ينصب على إجراءات الصين لدعم الاقتصاد وتوجع العاصفة "إداليا" إلى فلوريدا.
- ذكر "توني سيكامور" محلل السوق في "إي جي" إن تأثير العاصفة "إداليا" على الأرجح سيتمثل في انقطاع التيار الكهربائي لمدة يوم أو اثنين، ما قد يقدم الدعم لأسعار النفط على المدى القصير.
- كما يشكل الهبوط المستمر في مخزونات النفط الأمريكية عامل دعم للأسعار في الفترة الأخيرة، بعد أن وصلت إلى أقل بنحو 2% من المتوسط في آخر 5 سنوات.
- انخفضت مخزونات النفط الأمريكية 6.1 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الثامن عشر من أغسطس، بعد هبوط يقارب 6 ملايين برميل في الأسبوع السابق له.
- على جانب موازٍ، كشفت بيانات شركة "بيكرهيوز" أن عدد منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة تراجعت في أغسطس وذلك للشهر التاسع على التوالي.
- انخفض عدد منصات التنقيب الأمريكية عن النفط – مؤشر مبكر على الإنتاج المستقبلي – بنحو 93 منصة مقارنة بالمستويات المسجلة قبل عام مضى، ليصل في الأسبوع الماضي لأدنى مستوى منذ فبراير 2022.
- لا تزال تخفيضات الإنتاج من جانب دول تحالف "أوبك بلس" تشكل دعمًا لأسعار النفط في مواجهة مخاوف الطلب.
- كانت السعودية قد أعلنت تمديد الخفض الطوعي لإنتاج النفط الخام بمقدار مليون برميل يومياً للشهر الثالث على التوالي حتى نهاية سبتمبر المقبل.
التفاؤل يسود التوقعات
- ترسم البيانات الاقتصادية المقبلة وخطط البنوك المركزية بشأن المعركة ضد التضخم ملامح سوق النفط في الفترة المقبلة.
- فضلت العديد من المؤسسات الكبرى رفع توقعاتها لأسعار النفط عن العامين الجاري والمقبل، بفضل خفض إمدادات الخام من "أوبك بلس" وتراجع المخزونات العالمية، رغم استمرار القلق حيال الطلب العالمي.
- رفع بنك "جولدمان ساكس" توقعاته لأسعار النفط بنهاية العام الجاري، بدعم السحب من المخزونات التجارية للنفط في الاقتصادات المتقدمة.
- يرى البنك أن متوسط سعر خام نايمكس سيصل إلى 88 دولارًا للبرميل بنهاية هذا العام، بزيادة دولارين عن تقديراته السابقة، بينما سيسجل خام برنت 93 دولارًا.
- كما رفعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعاتها لأسعار النفط في النصف الثاني من العام الجاري، مع استمرار هبوط المخزونات العالمية من الخام.
- تتوقع الإدارة وصول متوسط خام برنت إلى 82.62 دولار للبرميل في العام الجاري و86.48 دولار في 2024، بزيادة 4.1% و3.6% عن التقديرات الصادرة قبل شهر.
- كما يتوقع "يو بي إس" وصول سعر خام برنت القياسي إلى 95 دولارًا للبرميل بحلول شهر ديسمبر المقبل، مقابل توقعات سابقة بتسجيل 90 دولارًا.
- توقعات "يو بي إس" جاءت بدعم الطلب القياسي المتوقع على الخام في الفترة الحالية، بالإضافة إلى عجز المعروض من الخام.
- ربما تحتاج الأسواق بعض الوقت لتقييم تطورات الأحداث في الجابون التي تعد رابع أكبر منتج للنفط في إفريقيا عند 181 ألف برميل يومياً.
المصدر: أرقام – إدارة معلومات الطاقة – رويترز – ماركت وتش – أويل برايس – بلومبرج
Comments