top of page

هل يفتح "أوبنهايمر" شهية السينما العربية للأفلام العلمية؟

إيرادات الفيلم في مصر والعالم طرحت النقاش حول تقديم تلك النوعية ونقاد: المعادلة صعبة وفرق الإمكانات عائق كبير

إيرادات الفيلم في مصر والعالم طرحت النقاش حول تقديم تلك النوعية ونقاد: المعادلة صعبة وفرق الإمكانات عائق كبير

تحدى المخرج العالمي كريستوفر نولان نفسه بتقديم سيرة العالم روبرت أوبنهايمر الأب الروحي للقنبلة الذرية، وعلى رغم تفاصيل الفيلم الدقيقة التي قد يتعثر أمامها تركيز المشاهد، اقترب الفيلم حالياً من تحقيق ما يعادل مليار دولار عالمياً، ليكون من أكبر الأفلام من حيث الإيرادات.

وفي مصر حقق الفيلم ما يقرب من 50 مليون جنيه (مليون و666 ألف دولار) ليتفوق على أفلام مصرية في دور العرض حالياً، مثل "تاج" لتامر حسني و"البعبع" لأمير كرارة، و"مرعي البريمو" لمحمد هنيدي و"ع الزيرو" لمحمد رمضان.

وشكلت إيرادات فيلم "أوبنهايمر" في مصر تحديداً علامة استفهام، بخاصة أن الجمهور المصري لا يميل بشكل كبير لهذا النوع، وفتح النقاش عن قابلية وإمكانية تقديم أفلام علمية تتحدث عن اختراعات مهمة أو سير ذاتية لعلماء بارزين.

مدمر العالم

تناول فيلم "أوبنهايمر" سيرة عالم الفيزياء الشهير الذي ولد عام 1904 وتوفي عام 1969، وقادته دراسة الفيزياء النووية ليطلق عليه لقب "المكافئ الموضوعي للموت... مدمر العوالم".

ويعرض الفيلم بشكل تفصيلي قصة حياة أبو القنبلة النووية ومدير مشروع مانهاتن النووي الأميركي (البريطاني الكندي - الفرنسي) روبرت أوبنهايمر، ويجسد العمل الضعف الإنساني والأحاسيس المضطربة التي عاشها الرجل الذي أطلق مارد الطاقة الذرية بعد أن تسبب اختراعه في تدمير ضحايا لا حصر لهم.

فيلم "راديو أكتيف" أيضاً واحد من الأفلام العالمية التي تتحدث عن الفيزياء والخيال العلمي، ويحكي عن قصة اثنين من العلماء، وهما العالمة من أصل بولندي ماري كوري، وزوجها العالم الفيزيائي بيير كوري، وتدور أحداثه بين مضمون رومانسي وعلمي، في إطار الكشف عما قدماه من اختراعات مهمة للبشرية.

أما فيلم "السيد فينمان الرائع" فيحكي عن حياة العالم الفيزيائي ريتشارد فاينمان، وهو من العلماء الأميركيين الذين تميزوا في مجالات الفيزياء والكيمياء وقدموا إسهامات كبيرة في ذلك المجال.

ويتناول فيلم "أدينجتون وأينشتاين" نواحي مهمة في شأن نظريات أينشتاين التي أسهمت في تطور البشرية. أما فيلم "نظرية كل شيء" فيستعرض حياة العالم ستيفن هوكينغ، منذ الشباب، مروراً بالناحية العلمية فيها، وكذلك علاقته بزوجته وإصابته بمرض عصبي خطر. وكشف الفيلم عن عبقريته وتميزه العلمي الكبير الذي دفعه لوضع نظريات مهمة واكتشافات من الناحية الفيزيائية، ووصفه العلماء بأنه حالة فريدة من العبقرية، حيث تحدى المرض والإعاقة حتى أصبح أحد ألمع فيزيائيي القرن الـ20 ومن أبرز علماء الكونيات، ولقب بالعقلية الفيزيائية الثانية بعد نيوتن.

عقل جميل

ومن أبرز الأفلام العالمية التي تناولت حياة علماء أثروا في تطور العالم فيلم "عقل جميل"، والفيلم يحكي قصة عالم الرياضيات الأميركي العبقري "جون ناش" الذي حصل على جائزة نوبل، ووضع نظريات رياضية نادرة على رغم إصابته بمرض نفسي خطر، لكن زوجته ساندته حتى حقق أهدافه العلمية.

ونجح الفيلم لدرجة أنه لفت الانتباه لحياة العالم الكبير، وكان سبباً رئيساً في اهتمام الإعلام والجمهور بخبر وفاة "ناش"، حتى إن بعض المواقع الإخبارية استخدمت مع الخبر صورة الممثل "راسل كرو" الذي قام ببطولة الفيلم بدلاً من الصورة الحقيقية لـ"ناش".

فيلم "The imitation game" يعد من الأعمال المهمة التي تربط بين العلم وتأثيره السياسي، ويروي قصة عالم الرياضيات البريطاني آلان تورينغ الذي لعب دوراً رئيساً في فك شيفرة إينجما الألمانية في الحرب العالمية الثانية، والتي كانت سبباً مباشراً في تعطيل تقدم القوات الألمانية، مما سرع في إنهاء الحرب وانتصار الحلفاء.

خيال بنكهة العلم

وعلى رغم أن هناك أفلاماً ناجحة جداً جماهيرياً ونقدياً تناولت سيراً ذاتية لعلماء حقيقيين، لكن بزغ على جانب آخر نجاح مميز لأفلام اعتمدت على العلم ممزوجاً بنكهة من الخيال أو خيال مطعم بنكهة علمية، ولعل هذا النوع من الأعمال كان مجالاً أكبر للإبداع والفانتازيا، فأحدث تأثيراً كبيراً على المستوى الجماهيري ومن حيث الإيرادات.

ومن هذه الأفلام فيلم "الاتصال" الذي يحكي عن واحدة من العلماء التي تعمل على دراسة علمية تخص موجة لا سلكية وتعتقد من خلالها بوجود كائنات غير الإنسان في كواكب أخرى، ثم تتأكد نظريتها بتلقي رسائل تشير لصحة اعتقادها.

وقدم كريستوفر نولان مخرج فيلم "أوبنهايمر" فيلماً آخر يجمع بين العلم والخيال، وهو فيلم "واقع بين النجوم" أو (interstellar)، ويحكي عن رجل كان يعمل في مجال الفضاء وتركه ليعمل بمزرعته الخاصة، ثم يفاجأ بأن الحياة على الأرض تنتهي ويقرر مع الوكالات المتخصصة أن يقوم برحلة بحث عن كوكب آخر يصلح للحياة، ويقدم الفيلم معلومات من المجال الفيزيائي بشكل حقيقي.

وتناول فيلم "الجاذبية" عالم الفضاء من خلال قصة بعض المتخصصين الذين يتجهون إلى الفضاء، للتعامل مع مهام خاصة، وهناك تقابلهم المشكلات التي تصل إلى حد الكوارث، وتضطر بطلة الفيلم إلى البقاء في الفضاء وحدها.

أما فيلم "القمر" فتعرض لما يحيط الأرض من مشكلات في الطاقة، وتأثيرها، ويحاول أبطال الفيلم العمل على الحد من تلك المشكلات، وتحمل المتاعب التي تواجههم.

ويحكي فيلم "الشروق" عن المستقبل بعد 50 عاماً، ويفترض العمل أن العالم سيشهد موت الشمس، وهو ما يجعل الحياة مستحيلة على الأرض، لذلك يكون من الضروري إنقاذ الشمس، وإشعالها باستخدام العلوم الفيزيائية من طريق قنبلة انشطارية تعيد لها الحياة.

ويتناول فيلم "الركاب" نقل 5259 إنساناً إلى كوكب غير الأرض في رحلة مدتها 120 عاماً من أجل استعمار ذلك الكوكب، ويتم ذلك بتنويم هؤلاء الأشخاص حتى تصل الرحلة بعد المدة المذكورة، إلا أن عطلاً يصيب الغرفة التي ينام فيها بطل الفيلم ويستيقظ قبل الوصول للكوكب المقصود بـ90 عاماً.

وفي فيلم "المريخي" يجد البطل نفسه وحيداً على كوكب المريخ، حيث يتركه طاقم الرحلة بعد حدوث طارئ، وعليه مع قلة الإمكانات البقاء حياً.

أما فيلم "أبوللو 13" فهو مأخوذ من قصة واقعية، ويحكي عن محاولات أميركا الوصول لسطح القمر، وبعد أن تصبح فكرة رحلات القمر أمراً عادياً، تفقد تلك الرحلة أهميتها وتقابل مشكلات ضخمة تؤثر في سلامة روادها.

ويدور فيلم "الحياة" عن كوكب المريخ، وإمكانية الحياة عليه، ويحاول التوصل إلى حقيقة وجود حياة على كوكب آخر غير الأرض.

محاولات عربية

وعلى رغم فرق الإمكانات والتقنيات بين السينما العربية والغربية، فإن هناك محاولات عربية قدمت أفلام خيال علمي لاقت بعض الاستحسان مثل فيلم "موسى" الذي تدور أحداثه في إطار خيال علمي، حيث يجد البطل ويدعى يحيى نفسه وحيداً دون صديق، فيقرر اختراع روبوت ويطلق عليه اسم (موسى)، ليصبح صديقاً له، لكن الأمور تتطور وتنقلب ضد الجميع. وتناول فيلم "من أين لك هذا؟" الذي عرض عام 1952 اختراعاً علمياً يجعل أي شيء يختفي.

وتعرض الفيلم المصري "رحلة إلى القمر" لحكاية بطلين مصريين وعالم ألماني يهبطون على القمر ويكتشفون حياة وحضارة وصراعات بسبب الحروب على سطحه.

وفي فيلم "ملكة الحب" يتم التنبؤ بإمكانية السفر إلى فضاء، فيسافر ثلاثة علماء ويحدث خطأ علمي فادح يقلب الأحداث.

وتناول فيلم "قاهر الزمان " فكرة تجميد أجسام الكائنات الحية للحفاظ على حياتها.

معادلة صعبة

وتحدث الناقد الفني جمال عبدالقادر عن تجربة فيلم "أوبنهايمر" ونجاحه المدوي، وضخامة إيراداته مقارنة بأي فيلم أجنبي يعرض في مصر، وكذلك نظراً إلى نوعيته كفيلم علمي يتناول شخصية مخترع القنبلة الذرية، مشيراً إلى أن "الأفلام العلمية صعبة في التنفيذ وتحتاج إلى تقنيات حديثة وخدع وغرافيك متقدم غير موجود بالسينما العربية، وكانت مفاجأة كبيرة أن يحقق (أوبنهايمر) هذا الرقم الكبير مادياً، والذي يعكس إقبالاً جماهيرياً عريضاً جداً".

وكشف الناقد الفني عن أسباب نجاح الفيلم قائلاً "مخرج العمل مخضرم ومشهود له بالحنكة في تناول أعمال جادة بشكل سينمائي مشوق، وليس غريباً أن ينجح كريستوفر نولان في لفت الأنظار لرائعته (أوبنهايمر)". وتابع "تلك التجربة تثبت شيئاً واحداً لا يمكن تغييره، وهو أن الجمهور يذهب حيث يجد العمل الجيد الذي بذل فيه جهداً كبيراً، مهما كانت نوعيته، وليس صحيحاً أن المشاهد يبحث عن العمل الترفيهي السهل، بل بالعكس كل يوم يزيد وعي الجمهور ويبحث عن العمل الأجود مهما كانت نوعيته".

وعن صعوبة تقديم فيلم خيال علمي أو أفلام ذات صبغة علمية تتناول سير ذاتية لعلماء قال عبدالقادر "كتابة أفكار من هذا النوع صعبة وتحتاج حرفية كبيرة، وقد لا نجد كتاباً محترفين يستطيعون مزج العلم بجرعة من الدراما والتشويق حتى لا يشعر المشاهد أنه في درس علمي أو أمام محاضرة جافة، لذلك قد لا يفلح كثيرون في هذا النوع". وأضاف "أيضاً تقديم تلك النوعية مخاطرة لأسباب أخرى مثل ميزانية العمل والتقنيات الحديثة والجرافيك والخدع التي قد لا تتوفر بصورة جيدة بالوطن العربي ليخرج العمل بصورة مقبولة، ولا يمكن أن نغفل مخاوف رأي الجمهور العربي وتقبلهم للفكرة، ولا بد أن نسأل قبل تقديم مشروع فيلم علمي، هل لدينا القدرة التمثيلية والإخراجية والإنتاجية اللازمة ليخرج هذا العمل بصورة تليق سينمائياً"، مستدركاً "للأسف معظم الأعمال العلمية عربياً يمكن اعتبارها متواضعة وسطحية مقارنة بالسينما العالمية".

بداية مشروعة

الناقدة مريم عاطف قالت إنه "من الظلم مقارنة السينما العربية بالأميركية والأوروبية في مجال الأفلام العلمية والخيالية، فهناك سنوات من فرق خبرة وملايين الدولارات تنفق على مثل تلك النوعية، ولعل تجربة (أوبنهايمر) التي حققت نجاحاً مدوياً عبر العالم وفي مصر تجعلنا نعيد النظر في تقديم هذه النوعية، لكن بنوع من التروي".

وأشارت إلى أن "السينما العربية بدأت في تقديم تلك النوعيات منذ سنوات طويلة، لكن بطريقة هزلية أحياناً وكوميدية وحتى التجارب الجادة لم تكن بالقدر الكافي من الدقة بحكم الإمكانات، لكن عموماً هي بداية مشروعة، ومع الوقت والتقدم ستنجح".

٠ تعليق

Comentarios


bottom of page